محمد شاب في بداية العقد الثالث من عمره تعرفت عليه العام الماضي عندما دخل يصلي في المسجد صلاة المغرب، بعد الصلاة جلست في ناحية من نواحي المسجد لذكر الله فجاء هذا الشاب وسلم علي ورأيت في وجهه كل علامات البؤس والغم والحزن.
قال لي بصوت حزين: أريد أن أتكلم معك في أمر لم أجد من يساعدني على تركه وعلى لزوم الطريق المستقيم ولقد رأيت في وجهك الخير فأرجو أن تسمع مني.
قلت له: تفضل وإن شاء الله قد أجد لك حل.
قال لي: أنا مدمن مخدرات منذ زمان طويل ولم اركع لله ركعة في حياتي واقترفت كل أنواع الحرام من الزنا وغيره حتى وصلت إلى مرحلة من الغم والنكد، أنا أعمل عامل في مخزن أنابيب ومن شدة ذنوبي ومعاصيي لا أنجز عملي بما يرضي الله فماذا أفعل؟ كلما تقدمت خطوه إلى الأمام في طريق الصلاح يقف لي أصدقاء السوء بالمرصاد أريد أن أجد مخرج ولا أتمكن.
قلت له بعد أن رأيت اليأس والقنوط عليه: إن الله غفور رحيم ويتجاوز عن عبده إذا تاب وأناب يجب عليك لزوم المسجد في وقت فراغك، متى تنهي عملك؟
قال لي: قرابة المغرب بقليل.
قلت له: إذا حاول أن تلزم المسجد من بعد المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء وفي هذه الفترة إجلس في خلوه مع الله وأستغفره وتب إليه وأسترجع دائما وأقرأ القرآن.
قال لي: أنا لا أعرف القراءة ولا الكتابة فأنا أمي.
قلت له: ليس لدي مانع أن أساعدك على ذلك أو أدلك على من يساعدك.
انتكاسة مرة أخرى:
واظب هذا الشاب على الصلاة لفترة لا تتعدى الأسابيع وبعدها أختفى تماما عن المسجد ولم أعرف له مكان.
ذات يوم خرجت من البيت متأخر للذهاب إلى الكلية وكنت في عجلة من أمري فقدر الله أن أجد هذا الشاب يعمل سائق فركبت معه وسألته عن سبب تغيبه عن المسجد.
قال لي: والله أعرف أني على معصية وخطأ ولكن أصدقاء السوء يتربصون لي لقد رجعت لشرب الخمور والمسكرات اكثر من الأول.
قلت له: أنا سأقول لك كلمة وفكر في الأمر مع نفسك، أنت أمامك طريق للجنة وطريق للنار فإختر أي مكان تريد أن تذهب إليه أنت شاب بالغ عاقل لست بطفل فكر جيدا في الأمر وأعلم بأن الموت قريب منك.
عندما أوصلني إلى المكان الذي أريد وجدت عليه علامات التأثر ورأيت الدموع تتحجر في عينيه وقال لي: سأقابلك اليوم في صلاة العشاء عودة من جديد وعهد أمام الله.
هذا الشاب انصلح حاله بعد ذلك بطريقه لم أعدها في شخص أمامي من قبل، يحرص على الصف الأول بطريقه عجيبة عندما يسمع الأذان تجده في المسجد وأجده دائما في صلاة الفجر يوميا دون تأخر على الصلاة ووالله لقد رأيت وجهه غير وجهه الأول الذي كنت أراه وجه مضئ كالقمر وابتسامه تعلو وجهه دائما.
عاهدت هذا الشاب أمام الله أن أقف معه على طول الطريق وأن لا أتركه ولو لحظه لتزل قدمه مرة أخرى.
الكاتب: محمود حامد خليل.
المصدر: موقع ياله من دين.